الأحد، 26 فبراير 2012

لا تجعلني متطرّفا !!!


لا تجعلني متطرفا !!!
لا تُقصيني بل احتويني
ولا تُبعدني بل استوعبني


من المنطقي أن الإقصاء والاستبعاد يولّد التطرّف المضاد كردة فعل دفاعية سوى على الذات أو المعتقد أو الوجود والكينونة .. فلماذا نقصي يمينا أو يسارا بينما في وسعنا احتوائهم واستيعابهم و"تعليمهم" التعايش مع بعضهم البعض؟

ليس تحت راية "الحرية" التي يتشدّق بها البعض وكأن هناك شيء مطلق، بل تحت راية "الاحترام للآخر وللمجتمع والإنسانية".. هذه "حدود حرية" أي شخص مهما كان, فليس هناك حرية مطلقة في أي مكان وأي زمان..
وإن كانت كلمة التطرّف في الغالب ما يشار إليها بأنها تطرّف ديني إلا أنها يمكن أن تكون العكس أي تطرّفا لا ديني كذلك،
و في كلتا الحالتين هي تعتبر داء يجب علاجه وليس بتره..

فالمتأمل حال بلدنا تونس في مرحلة ما بعد الثورة لا يجب أن يستغرب وجود تيارات التطرف من كلتا الجهتين ولن ننكر وجودهما .. والسبب واضح وجلي لأن السياسة القمعية التي كانت الدولة تتبعها طيلة أكثر من نصف قرن أنتجت هته التيارات ..
سياسة معروفة وقد ذكرها
المؤرخ البريطاني هوبل في قوله:
إذا أردت أن تلغـــي شعــبا مـــا ، ابـــدأ بشــلِّ ذاكــرته التــاريخيـــة، ثم الـــغ ثقــــافتـــه وتـــاريــخــه واجعــلــه يتبــنى ثــقــافــة أخــرى غيــر ثقـــافـــته واختــرع لــه تــاريــخا آخر غير تــاريــخــه واجعــله يتـبنَّــاه ويــردِّده... عندئــد ينسى هذا الشعب من هو ؟ ماذا كان ؟
وبالتالي ينساه العالم

سياسة تخيّرت البتر عوض المعالجة . فقمعت وكممت أفواه وأرواح وأكثر من هذا فقد قمعت حتى نداء الروح الفطري فينا للدين ..
نعم هو نداء روح فطري للدين فعوض تقنينه واحتوائه قامت حكوماتنا بإسكاته ودفنه.. وماذا كانت النتيجة ؟

كانت النتيجة تطرفا من كلتا الناحيتين .. إنكار وفي المقابل انصهار .. أو انسلاخ وفي المقابل تغلغل:
إنكار للهوية وللدين من مَن تبنىّ هذا الفكر التغريبي طوال سنين وتربّى عليه أجيال، فوجدوا أنفسهم غرباء على هويتهم منبتّين ومنسلخين من جذورهم.. في حين أنهم تربو على أن ما
هم عليه هو صوت حداثة وتقدّم..فكانت ردّة فعلهم الطبيعية التمسّك بما تربّوا عليه والدفاع عليه خوفا من أن يجدوا أنفسهم مهمّشين ..
في المقابل انصهار وتغلغل في الدين من مَن وجد الطريق لمعرفة هويته ووجد منفذا ليشبع نداء وشوق الروح للفطرة الدينية لأنهم لم يجدوها في دراستهم ولا في مجتمعهم ولا في محيطهم العائلي إلا والخوف محاط بها وكأن الدين كان آفة...فكانت ردة فعلهم التمسّك بها كي لا تضيع من جديد..


وهكذا فإن سياسة البتر أفرزت تقرّحات.. ونرجو من الدولة الجديدة أن لا تواصل في سياسة البتر لأنها ستولّد تعفّنا وتنتشر عدوى خطيرة لن تستطيع السيطرة عليها .. ولتحاول استعمال سياسة الاحتواء والمصالحة مع الجذور والمستقبل.. سياسة استيعاب القاصي والداني.. سياسة الاحترام للجنس البشري.

توقيع : فردوس

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Lady Gaga, Salman Khan